شبهات حول الدجال
سؤال
1) هل الآيات التي يأتي بها الدجال هي من قبيل الحيل العلمية :؟؟؟
جواب
الصحيح أن هذا الأمر قد راج كثيرا في الآونة الأخيرة عند الناس كما بينا في فصل سابق
لم يعد بمقدور الناس الفصل بين الآيات الربانية و التي يتم فيها خرق النواميس الكونية و بين الحيل و العجائب العلمية على الرغم من تباين الاثنان و اختلافهم
و الصحيح أن الناس لا تريد التفكير في أي شيء بعيد عن القوانين و النظريات و كأن كل شيء في الكون تسيره و تضبطه القوانين التي توصل إليها البشر
متناسين أن الأمر كله بيد الله يفعل ما يشاء و لا راد لحكمه و قضاءه
و لو تفكرنا قليلا في معجزات الرسل لوجدنا أن ما يأتي به الدجال أهون و أقل مما أتى به هؤلاء الرسل
بالرغم من أن معجزاتهم كانت خارقة للعادة و لا تخضع إلا لقانون كن فيكون
و الذي لا سلطان إلا لله عليه
فإن كان الدجال سيحيي رجل بعد أن يقتله و ذلك بإذن الله فقد أحيى عيسى عليه السلام أشخاص
و إذا حكم الدجال في نفر من الجن الكافر فإن سليمان عليه السلام قد حكم الجن مسلمه و كافره
و إذا جاء الدجال بجبال من الطعام فإن محمد عليه الصلاة و السلام قد أطعم و سقى الآلاف من بضع لقيمات و كوز ماء كل هذا بإذن الله
إذاً فكما أجرى الله المعجزات الخارقة للقوانين البشرية على أيدي الرسل لهداية الناس
كذلك يمكن أن يجري الله مثل هذه المعجزات على أيدي الكفرة ليختبر الناس و يفتنهم و ذلك كي يميز الخبيث من الطيب و ذلك في ظروف زمنية و بشرية أختارها الله و حذر منها على ألسنة الرسل
من زمن نوح عليه السلام إلى زمن محمد عليه الصلاة و السلام
و مسألة أن تكون معجزات الدجال من قبيل الخوارق العلمية هي مسألة مرفوضة بتاتا و لأسباب كثيرة
فلو فرضنا أن الدجال سيظهر قريبا على زعم بعض من خاض في مباحث الفتن
و كان جل ما يأتي به الدجال من قبيل المخترعات العلمية فصدقوني أنه لن تكون لدعوته الباطلة أي تأثير على عقول الناس خصوصا و نحن اليوم في أوج مرحلة علمية يتوقع فيها من المخترعات ما لا يخطر على قلب بشر
و لو تصورنا أن دولة من الدول ستخترع سفينة فضائية تسير بسرعة الضوء
كذلك تمكنهم من اختراع أجهزة يمكن لها أن تسوق الغيم و تنزل المطر في أماكن محددة لما كان لهذا الاختراع من أن يضل الناس فهذا الاختراع يبقى نتيجة تطور سلسلة من الاختراعات العلمية كاختراع الصاروخ و الطائرة و طبيعي أن يتوقع الناس العلمانيين و الذين سيكونون على رأس من يتبع الدجال
التقدم في زيادة المركبات حتى تصل أي سرعة موجودة
إذاً لا سبيل للدجال من أن يضل الناس بالعلم في عصر العلم
فمثله كمثل الذي يبيع الماء في حارة السقايين
إذاً هل يكون معجزات الدجال من قبيل الاختراع العلمي في زمن آخر تزول فيه الحضارة و تنسى فيه المخترعات العلمية ؟؟؟
أظن و الله أعلم أن هذا التوقع أيضا باطل ذلك أن يصعب على الناس نسيان أحداث تاريخية حتى لو مر عليها عقود من الزمن , كما أنه يبقى هناك أمر سيجري على يد الدجال لا يمكننا قبوله لا في عصرنا و لا في أي عصر آخر ,
إنها مسألة إحياء الموتى
هذا الأمر الذي لا يمكن المراء فيه
فالدجال سيسلط على رجل واحد
واحد فقط يميته ثم يحييه بإذن الله و كونه شخص واحد كما جاء في الصحيح
فهذا يؤكد أن العملية ليست خدعة بل هي حقيقة أجراها الله على يديه ثم سلبها منه
ليعلم الناس بأنه ليس الله بل هو الدجال
نحن نعلم أن آخر ما جاءنا حول مكان الدجال و بيان حاله هو حديث تميم الداري رضي الله عنه
جزء من حديث في صحيح مسلم ج: 4 ص: 2262
لما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي الصلاة جامعة فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال ليلزم كل إنسان مصلاه ثم قال أتدرون لم جمعتكم قالوا الله ورسوله أعلم قال إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم أرفؤا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس فجلسوا في فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة قالوا وما الجساسة قالت : أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق قال لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة قال فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا وأشده وثاقا مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا ويلك ما أنت قال قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم قالوا نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة قلنا وما الجساسة قالت اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة فقال أخبروني عن نخل بيسان قلنا عن أي شأنها تستخبر قال أسألكم عن نخلها هل يثمر قلنا له نعم قال أما إنه يوشك أن لا تثمر قال أخبروني عن بحيرة الطبرية قلنا عن أي شأنها تستخبر قال هل فيها ماء قالوا هي كثيرة الماء قال أما إن ماءها يوشك أن يذهب قال أخبروني عن عين زغر قالوا عن أي شأنها تستخبر قال هل في العين ماء وهل يزرع أهلها بماء العين قلنا له نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها قال أخبروني عن نبي الأميين ما فعل قالوا قد خرج من مكة ونزل يثرب قال أقاتله العرب قلنا نعم قال كيف صنع بهم فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه قال لهم قد كان ذلك قلنا نعم قال أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه وإني مخبركم عنى إني أنا المسيح وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين يوم إلا مكة وطيبة فهما محرمتان على كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة يعني المدينة ألا هل كنت حدثتكم ذلك فقال الناس نعم
قال فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ألا أنه في بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو وأومأ بيده إلى المشرق قالت فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ــــــــــــــــــــــ
تميم الداري رضي الله عنه يصف لنا حالة الدجال مقيد في جزيرة من جزر البحر و رسول الله صلى الله عليه و سلم يوافق تميم رضي الله على ما جاء به بل يؤكد بأن ما قاله تميم يوافق ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أخبره للناس عن الدجال و في هذا الأمر فائدتان
الأولى : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد ترك شكه بابن صياد بعد أن نزل عليه وحي في ذلك فأخبره بما حدث الناس عن الدجال موافقا للحديث الذي ذكره تميم الداري رضي الله عنه
حيث أخبر الناس أن الدجال كائن في جزيرة من جزر البحر و هو لن يدخل المدينة و مكة لأنه محرم عليه دخولهما
بينما أبن صياد في تلك الأثناء كان حرا طليقا في المدينة و حتى في مكة أيضاً
الأمر الثاني : يعتبر إقرار الرسول عليه الصلاة و السلام لحديث تميم بأن الدجال مقيد في جزيرة من جزر البحر , كلاماً قطعي لا يقبل التأويل أو التبديل في كون الدجال موجود ذلك الزمان و مسجون في أحد جزر البحر حتى يأذن الله له بالخروج و ذلك بعد أن تتم جميع العلامات التي سأل عنها الدجال لأولئك الرجال في الجزيرة بوقت يعلمه الله وحده
و كل من يأتي بكلام غير هذا فهو مطالب بحديث صحيح يثبت فيه إمكانية خروج الدجال قبل الزمن الذي قدره الله عزة و جل و هذا ينفي مزاولة الدجال للعلم أو المخترعات
طبعا نحن لا ننفي إمكانية اتصال الشياطين به و هو موثق في مكانه و ذلك لأن أبن صياد قد أقر بمعرفته لمكانه كما جاء الصحيح ,
لكننا نتوقف في هذا الأمر و لا نعطيه أي قيمة أو تأويل طالما أننا لا نمتلك أي دليل على إمكانية اتصال الناس به , كما أن كلام أبن صياد قد يكون كاذب فهو دجال من الدجاجلة
الأمر الأخر : المتابع لكلام الدجال في الحديث السابق يعلم آن هذا الرجل يدرك ما هو مقدم عليه
فهو يعلم علامات خروجه و يعلم أن الإسلام حق و إن إتباع الإسلام خير للناس و هو يعلم إذا خرج في الناس فلن يلبث فيهم سوى أربعين يوم و لن يستطيع دخول المدينة و مكة و حتى أنه يعلم من سيكون قاتله بدليل ذوبانه لدى رؤيته لعيسى عليه السلام
إذن سؤلنا من أين علم هذا الرجل كل هذه التفاصيل ؟و كأنه مهيأ لمهمة ما ينتظر الزمن الذي ينجزها فيه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فهل عُرضت عليه هذه المهمة فأختارها أو أنه ينفذها طاعة لله أو أنه مجبر على عملها ؟؟
طبعا أن يكون الأمر طاعة لله فهذا مرفوض مطلقاً , و يظهر ذلك في وصف الرسول عليه الصلاة و السلام له بالخبث و الدجل و خلال ما يقوم به في فترة خروجه
كذلك لو كان الأمر من الدجال طاعة لما كان الله ليحبسه في جزيرة لزمن لا يعلمه إلا الله يعاني خلالها من التعذيب و القيد الشيء الكثير
إذاً ظاهر الأمر أن الدجال رجل فاسد الطوية يعلم الحق و ينكره عرض عليه فوافق فمثله كمثل الشيطان باع الآخرة بالدنيا و دليل قولي هذا تمني أبن صياد أن يقوم مقام الدجال
صحيح مسلم ج: 4 ص: 2242
2927 حدثنا يحيى بن حبيب ومحمد بن عبد الأعلى قالا حدثنا الفاء قال سمعت أبي يحدث عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال لي بن صائد ثم وأخذتني منه ذمامة هذا عذرت الناس مالي ولكم يا أصحاب محمد ألم يقل نبي الله صلى الله عليه وسلم إنه زفر وقد أسلمت قال ولا يولد له وقد ولد لي وقال إن الله قد حرم عليه مكة وقد حججت قال فما زال حتى كاد أن يأخذ في قوله قال فقال له أما والله إني لأعلم الآن حيث هو وأعرف أباه وأمه قال وقيل له أيسرك أنك ذاك الرجل قال فقال لو عرض علي ما كرهت
إذا لو عرض على أي دجال صغير ما عرض على المسيح الدجال لما كره هذه الأمر لأن هؤلاء غايتهم الدنيا و لا نصيب لهم بالآخرة
لعلك أخي قد رأيت أن الدجال ليس شخص كأي شخص يتمكن بالسحر و الشعوذة أو حتى بقدرته على تسخير العلم لخداع الناس و إضلالهم بل هو شخص قبل بالقيام بهذه المهمة بمحض إرادته بدليل معرفته لكل تفاصيلها
و هذا غيب لا يعلمه إلا الله و من كان هذا حاله و هذه المهمة مهمته فحريا به أن يمده الله بكل أسباب الفتنة
ليحق القول على أناس علم الله نفاقهم و أناس علم الله إيمانهم فجاءت هذه الفتنة لتكون الشهادة القطعية التي تزكيهم عند ربهم فيكون بحق الزمرة الطاهرة خاتمة أمة محمد صلى الله عليه و سلم
و الآن دعونا نثبت آن ما بيد الدجال من أسباب الفتنة هي آيات أعطاها الله له
صحيح مسلم ج: 4 ص: 2250
35 حدثنا علي بن حجر السعدي وإسحاق بن إبراهيم واللفظ لابن حجر قال إسحاق أخبرنا وقال بن حجر حدثنا جرير عن المغيرة عن نعيم بن أبي هند عن ربعي بن حراش قال ثم اجتمع حذيفة وأبو مسعود فقال حذيفة لأنا بما مع الدجال أعلم منه إن معه نهرا من ماء ونهرا من نار فأما الذي ترون أنه نار ماء وأما الذي ترون أنه ماء نار فمن أدرك ذلك منكم فأراد الماء فليشرب من الذي يراه أنه نار فإنه سيجده ماء قال أبو مسعود هكذا سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول
ـــــــــــــــــ
حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يعلم عن الفتن التي بين يدي الدجال أكثر من الدجال نفسه
فهل يعقل أن يصنع الدجال و يخترع و لا يعلم ما كنه ما أخترع ؟؟؟
تصوروا رجل يصنع أتون من النار و يموهه ثم يزرع بستانا من الأشجار و يموهه أيضاً فهل يعقل أن يدخل هذا الرجل أصحابه و مريديه إلى الأتون و يدخل رافضيه و مبغضيه إلى البستان ؟
الأمر ليس معقول طبعا كما أنه يرد هنا سؤال مهم ؟؟
ما الذي ربط بستان هذا الرجل بجهنم ؟؟ و ما الذي ربط أتونه بجنة الخلد ؟؟
هل بلغ من العلم هذا المبلغ أفتونا يرحمكم الله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إذن الدجال آتاه الله آيات فأخذ بظاهر ما يرى فظن كما يظن الناس أن ما يره جنة هي الجنة حقيقة و إن ما يراه نار هو النار حقيقة
و كيف لا تكون كل هذه الآيات هي مما أعطاه الله للدجال لكي تكون فتنته عظيمة على النفس
و الله هو الذي أمر السماء قبل خروج الدجال بثلاث سنوات بأن لا تمطر و أمر الأرض بأن لا تنبت كل هذا لتكون فتنة الدجال قوية على أنفس الضعفاء و المنافقين و هو الذي جعل التسبيح و التهليل يجري من المؤمنين مجرى الطعام و الشراب تثبيتا لهم
و هل يستطيع الدجال بالعلم أن يميت إنسان و يحييه باطلا ما كانوا يفترون
و من هو الذي سمح للشياطين بأن يكونوا خير عون مادي للدجال يُلبّسون معه على الناس أمرهم فيتبعهم الذي في قلبه مرض و ينجوا المؤمنين و أنتم تعلمون أن الشياطين و منذ بداية الدعوة الإسلامية قد تحجم دورهم فلا هم يستطيعون الجلوس في مقاعد الاستماع لخبر السماء و لا هم قادرين على الظهور للناس بالصورة التي ستكون في زمن الدجال
إذاً المسألة ليست مسألة رجل يضل الناس بما لديه من علم
بل هو رجل آتاه الله من العجائب ما لا يثبت أمامها إلا المؤمنين
شبهة خرجات الدجال